فالعبد ينقطع عمله بموته، إلا ما تسبَّب في بقائه بعد موته، مثل الصدقة
الجارية، كوقف مسجد أو مدرسة يدرس فيها، فما دام نَفْعُها فأجرها يجري ما دام هذا
الوقف يُنتَفَع به.
«أَوْ عِلْمٍ» بأن يكون قد درَّس
الفقه أو العقيدة، وصار له تلاميذ، فيجري عليه أجر تعليمه، أو ألَّف كتبًا تنفع
النَّاس، فيجري أجره، وهذا من العلم الذي علَّمه.
«أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ
يَدْعُو لَهُ» فهو تزوج من أجل إعفاف نفسه، وطلبًا للذرِّيَّة الصالحة، فجاءه ولد صالح،
وهذا مما تسبَّب فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَوْلاَدَكُمْ
مِنْ كَسْبِكُمْ» ([1]).
فإن كان صالحًا يدعو له بعد موته، فإن دعاءه يصل إليه، وهذا من عمله الذي
تسبَّب فيه فينفعه عمل غيره.
وغير هذه المسألة محل الخلاف، قال سبحانه: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ
إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ [النجم: 39] منطوق الآية: أن عمل الإِنسَان لا ينفع غيره، إلا ما تسبب
فيه.
فأخذ طائفة من العلماء بهذه الآية، وقال: لا ينفعه إلا عمله مطلقًا.
لكن النَّبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأشياء تنفع الميت من عمل غيره، مثل الدُّعاء والاستغفار: ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [الحشر: 10]، ﴿وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ﴾ [محمد: 19]، هذا يشمل الأموات أيضًا.
الصفحة 1 / 224