لا تبلُغُه الأوهامُ ولا تدرِكُه
الأفهامُ.
ولا
يُشبِهُ الأنامَ.
****
وهذا فيه رد على القدرية الذين
ينفون القدر، ويزعمون أن العبد هو الذي يخلق فِعْل نفسه ويُوجِد فِعْل نفسه، تعالى
الله عما يقولون، وهذا تعجيز لله، وأنه يكون في خلقه ما لا يريده سبحانه وتعالى؛
فهذا وصف له بالنقص.
فجميع ما يكون في الكون من خير وشر فإنه بإرادته، فيخلق الخير لحكمة، ويخلق
الشر لحكمة، فهو من جهة خلقه له ليس بشرٍّ؛ لأنه لحكمة عظيمة، ولغاية عظيمة، وهي
الابتلاء والامتحان، وتمييز الخبيث من الطيب، والجزاء على الأعمال الصالحة،
والجزاء على الأعمال السيئة، له الحكمة في ذلك سبحانه وتعالى، لم يخلق ذلك عبثًا.
فالله سبحانه وتعالى لا يُحاط به، فالله أعظم من كل شيء سبحانه وتعالى ﴿يَعۡلَمُ
مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا﴾ [طه: 110]؛
فالله سبحانه يُعلَم ولكن لا يُحاط به، فالله أعظم من كل شيء، فلا يتخيله الفكر،
ولا يجوز لإنسان أن يقول في الله إلا ما قاله سبحانه عن نفسه، أو قاله عنه رسوله.
هذه مثل العبارة التي مضت، ولا شيء مثله، والأنام معناه: الخلق، فالله سبحانه وتعالى منزه عن مشابهة الخلق: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، ﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾ [الإخلاص: 4]؛ فهو سبحانه منزه عن مشابهة خلقه، وإن كان له أسماء وصفات تشترك مع أسماء وصفات الخلق في اللفظ والمعنى، لكن في الحقيقة والكيفية لا تشابه بينهما.
الصفحة 1 / 224