وبين
الأَمنِ والإِيَاسِ.
****
كذلك، هذا من عقيدة أَهل السُّنة والجمَاعة، وهو الوسط بين الأمن من مكر
الله والإياس من رحمته، فهم يرجون رحمة الله، ولا يأمنون من مكر الله، ولا من
العذاب والفتنة، لكن لا يقنطون من رحمة الله؛ فيجمعون بين الخوف والرجاء، وهو ما
كان عليه الأنبياء، قال سبحانه: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ
يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ
لَنَا خَٰشِعِينَ﴾ [الأنبياء: 90]، فهؤلاء هم الأنبياء، فخوفهم من الله
لم يحملهم على القنوط من رحمة الله.
قال سبحانه: ﴿إِنَّهُۥ
لَا يَاْيَۡٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [يوسف: 87].
وقال سبحانه: ﴿وَمَن
يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحجر: 56].
وأيضًا: رجاؤهم من الله لم يَحمِلْهُم على الأمن من مكر الله، قال سبحانه: ﴿أَفَأَمِنُواْ
مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [الأعراف: 99].
فإبراهيم أبو الأنبياء يقول: ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن
نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ﴾ [إبراهيم: 35]؛ فإبراهيم ما
أَمِن على نفسه، ولكنه خاف الفتنة؛ لأنه بشر.
فلا يأمن الإِنسَان على نفسه ويقول: أنا رجل صالح، بل يخاف على نفسه، مع عدم القنوط من رحمة الله، قال تعالى﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ٥٤﴾ [الزمر: 53، 54].
الصفحة 1 / 224