يهدي
من يشاء، ويَعصِم ويُعافِي فضلاً، ويُضِل من يشاء ويخذُلُ ويبتلي عدلاً.
****
على مشيئة الله بـ«ثُمَّ» التي تفيد الترتيب والتراخي، لا بالواو؛ لأنها
تقتضي التشريك.
الله سبحانه يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهذا بقضاء الله وقدره، ولكنه يهدي
من يعلم أنه يَصلُح للهداية، ويهدي من يَحرِص على طلب الهداية ويُقبِل عليها، فإن
الله يُيَسِّره لليسرى، ويُضِل من يشاء بسبب إعراضه عن طلب الهداية والخير،
فيُضِلُّه الله عقوبةً له على إعراضه وعدم رغبته في الخير.
يوضح ذلك قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ
٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧﴾ [الليل: 5- 7] فصار
السبب من العبد، والقَدَر من جهة الله سبحانه: ﴿وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ
٨وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ ١٠﴾ [الليل: 8- 10]؛
فصار السبب من العبد والقَدَر من الله عز وجل، ولكن قدَّره الله عقوبة له.
فقدَّر الله الهداية فضلاً من الله عز وجل، وتكرَّم على الشخص الذي يريد
الخير ويريد الهداية، فييسره الله للخير ولفعله، وهذا لمصلحته، لا مصلحة لله عز
وجل، وأما إضلال الضالِّين فعدلٌ منه سبحانه وتعالى، جزاءً لهم على إعراضهم وعدم
إقبالهم على الخير وعلى طاعة الله عز وجل، لم يظلمهم شيئًا؛ ولهذا نجد في الآيات: ﴿وَٱللَّهُ
لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [البقرة: 258].
﴿وَٱللَّهُ
لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 264].
﴿وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ﴾ [المائدة: 108].