وأن
القرآن كلام الله.
****
وفي قوله تعالى: ﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ
ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا
١يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا
٢﴾ [الجن: 1، 2]، فدل
على عموم رسالته للجن.
فالنَّبي صلى الله عليه وسلم بُعِثَ لأهل الأرض كلهم، إنسهم وجنهم، فمن آمن
به دخل الجنَّة، ومن لم يؤمن به دخل النَّار، من الإنس والجن.
وقوله: «وبالنُّور والضِّياء» هما بمعنى واحد، وقد بُعِث النَّبي صلى الله
عليه وسلم بهما، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ
إِنَّآ أَرۡسَلۡنَٰكَ شَٰهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا ٤٥وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ
بِإِذۡنِهِۦ وَسِرَاجٗا مُّنِيرٗا ٤٦﴾ [الأحزاب: 45، 46].
بعد أن تؤمن بالله عز وجل، وتؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم، تؤمن أن
القرآن كلام الله؛ لأن هذا هو الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله
عليه القرآن، وهذا القرآن ليس من كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولا من كلام جبريل،
إنما هو كلام الله عز وجل، تكلم الله به، وتلقاه جبريل من الله، وتلقاه النَّبي من
جبريل عليه السلام، وتلقته الأمة من النَّبي صلى الله عليه وسلم.
فهو كلام الله، منه بدأ سبحانه، لم يأخذه جبريل من اللوح المحفوظ كما يقوله
أهل الضلال، ولم يكن من كلام جبريل ولا محمد، إنما هو من كلام رب العالمين. وأما
جبريل ومحمد عليهما الصَّلاة والسلام فهما مبلِّغان عن الله عز وجل، فالكلام إنما
يقال ويضاف لمن قاله مبتدِئًا، لا من قاله مبلِّغًا ومؤدِّيًا.
فمن قال: إن جبريل أخذه من اللوح المحفوظ، أو: إن الله خلقه في شيء وأخذه جبريل من ذلك الشيء؛ فهو كافر بالله عز وجل كفرًا مخرجًا
الصفحة 1 / 224