×
التَّعْلِيقَات المختصرة على مَتْن الْعَقِيدَة الطحاوية

منه بدأ بلا كيفِيَّةٍ قولاً، وأنزله على رسوله وحيًا.

****

من الملة، كما تقوله الجهمية والمُعتزلَة ومن نحا نحوهم، فهو كلام الله، حروفه ومعانيه، تكلم الله به كيف شاء، فنحن نصف الله بأنه يتكلم، والكلام من صفاته الفعلية، والكيفية التي تكلم بها نقول: الله أعلم بها، هذه كسائر صفاته، نؤمن بها ولا نعلم كيفيتها، فالمعنى معروف، وأما الكيفية فهي مجهولة لنا.

أي: أن القرآن نزل من الله، تكلم الله به وأنزله، لم ينزل من غيره ولم يبدأ من غيره، ليس كما يقولون: إنه بدأ من جبريل، أو من اللوح، أو من الهواء، إنما بدايته من الله، وسمعه جبريل وبلغه إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم وحيًا، والنَّبي صلى الله عليه وسلم بلغه للناس، ولو كان هذا القرآن من كلام البشر لاستطاع أحد من النَّاس أن يأتي بسورة من مثله، فلما عجزوا عن ذلك دل على أنه من كلام الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ [البقرة: 23].

وقال سبحانه وتعالى: ﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ [هود: 13]؛ فعجزَّهم الله بذلك، مع أنهم عربٌ فُصَحَاءُ، والقرآن بلغة العرب، وبالحروف التي يتكلمون بها، وهم يحرصون على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان باستطاعتهم أن يعارضوا هذا القرآن، لَمَا ادَّخروا وُسْعًا في ذلك، فلما عجزوا عن ذلك دل على أنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.


الشرح