وصدَّقه المؤمنون على ذلك
حقًّا.
وأيقنوا
أنه كلام الله تعالى بالحقيقة.
****
فالمؤمنون بالله ورسوله يصدقون
بأن القرآن كلام الله عز وجل، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم إنما هو مبلِّغ عن
الله.
وأما قول الله عز وجل ﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ
١٩ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ مَكِينٖ ٢٠﴾ [التكوير: 19، 20] فالمراد بإسناده إلى جبريل هو من باب
التبليغ؛ لأنه لا يمكن أن يكون القرآن من كلام الله ومن كلام جبريل، الكلام لا
يكون إلا من واحد، فلا يمكن وصفه بأنه كلام أكثر من واحد، ونسبته إلى الله حقيقية،
وأما نسبته لجبريل فمن باب التبليغ.
وفي الآية الأخرى: ﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ
٤٠وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ ٤١﴾ [الحاقة: 40، 41]
يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم، فالإضافة إليه إضافة تبليغ.
وقد أضافه سبحانه تارة إلى نفسه وتارة إلى جبريل وتارة إلى محمدًا، والكلام
الواحد لا يمكن أن يتكلم به أكثر من واحد؛ فتكون إضافته إلى الله إضافة ابتداء وهو
كلامه وإضافته إلى جبريل ومحمد إضافة تبليغ.
ليس بالمجاز كما يقوله الجهمية والمُعتزلَة، هم يقولون: كلام الله، ولكن
نسبته إلى الله مجاز؛ لأن الله خالِقُه، فإضافته إلى الله إضافة مخلوق إلى
خالِقِه.
فنقول: كذبتم؛ لأن الإضافة إلى الله على نوعين: إضافة معانٍ، وإضافة أعيان:
النَّوع الأول: إضافة المعاني إلى الله مثل الكلام، فإضافة المعاني إلى الله إضافة صفة إلى موصوف، فالكلام والسمع والبصر والقدرة