فالواجب
على الإِنسَان: أن يفعل أسباب الرحمة، وهي التوبة وإسلام
الوجه لله سبحانه، عند ذلك يحصل على رحمة الله، فرحمة الله قريب من المحسنين،
والإحسان سبب الرحمة، هذا مذهب أَهل السُّنة والجمَاعة.
وهو بين مذهب المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، فإذا كان
الإِنسَان مؤمنًا بقلبه فلا تضره المعصية، فهؤلاء أَمِنوا مَكرَ الله، ويقولون:
الأعمال لا تدخل في حقيقة الإيمان، فيدخل الجنَّة وإن لم يعمل شيئًا عندهم، وهذا
مذهب أفسد الدُّنيا، تحلل النَّاس من الدين بسببه، وقالوا: ما دام أننا ندخل
الجنَّة، فلا حاجة إلى الأعمال، فيفعلون ما يشاءون.
وبين الوعيدية الخوارج الذين يُكفِّرون بالكبائر التي دون الشِّرك، ويرون
إنفاذ الوعيد الذي ذكره الله على مَن عصاه؛ فإن الله توعد العصاة، لكن قال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48]؛ فهم
تحت المشيئة، وهذا مذهب أَهل السُّنة والجمَاعة، وهو الوسط.
والقول الحق مع أَهل السُّنة والجمَاعة الذين توسَّطوا بين الأمن والرجاء، والخوف والقنوط؛ ولهذا يقولون: الخوف والرجاء بالنسبة للإنسان كجَناحَي الطائرة، ولابد من سلامة الجناحَين، فكذلك الخوف والرجاء لو اختلَّ أحدهما سقط، فلابد من التعادل كما يتعادل جناحا الطائر.
الصفحة 2 / 224