وهذا العهد والميثاق لا يكفي، بل لابد معه من إرسال الرسل؛ ولذلك أرسل الله
الرسل، ولو كان هذا يكفي وحده لما أرسل الله الرسل، ولكن أرسل الرسل من أجل أن
تذكِّر به وتدعو النَّاس إلى ما تضمنه.
وأما قوله تعالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ
بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ﴾ [الأعراف: 172]؛ فذهب بعض المفسرين إلى أن هذا هو العهد
الذي أخذه الله على ذرية آدم والميثاق، وليس كذلك، بل هذا شيء آخر، والله يقول: ﴿مِن
ظُهُورِهِمۡ﴾ [الأعراف: 172] ولم
يقل: من ظهر آدم، وتكملة الآية: ﴿وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ
أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ﴾ [الأعراف: 172] وقال بعض العلماء: معنى ذلك:
الفطرة التي فطرهم الله عليها، والآيات الكونية التي نَصَبها الله لهم؛ ليعرفوا
منها ربهم.
فالله سبحانه فَطَرهم على التَّوحيد وعلى الإسلام: ﴿فَأَقِمۡ
وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ
عَلَيۡهَاۚ﴾ [الروم: 30]، وهي دين الإسلام ودين التَّوحيد، فالإسلام
معناه التَّوحيد الذي جاءت به الرسل، ومعناه: عبادة الله وحده لا شريك له، هذا هو
الدين القيم.
ومع هذا نَصَب الأدلة على ربوبيته فيما يشاهدونه في أنفسهم من خلقهم العجيب، وما فيهم من الآيات العجيبة التي تدل على الخالق سبحانه وتعالى، وكذلك ما نصبه أمامهم من السموات والأرض والمخلوقات التي تدل على الخالق، إن هذه المخلوقات لابد لها من خالق، لم تُوجَد صُدفَةً أو توجد بدون خالق: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ
الصفحة 2 / 224