×
التَّعْلِيقَات المختصرة على مَتْن الْعَقِيدَة الطحاوية

وبين التَّشبِيهِ والتَّعطِيلِ.

****

منه، فكلا الطرفين مذموم، والوسط خير؛ ولهذا قال سبحانه: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ [المائدة: 77].

 وقال صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ»، قَالَهَا ثَلاَثًا، والمتنطعون هم المتشددون في أمور الدين.

ولما قال نفر على عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم؛ قال أحدهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأصلي ولا أنام، وقال الثالث: أما أنا فلا آكل اللحم، وقال الرابع: أما أنا فأعتزل النساء، فقال صلى الله عليه وسلم: «أما إني أَتقَاكُم لله وأَخشاكُم لله، وإنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([1])؛ لأن هذا تشديد ما أمر الله به، قال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ ۚ [المائدة: 87] يعني: من باب التدين، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تَعۡتَدُوٓاْ [المائدة: 87] فالآية شملت الطرفين، فالدين وسط.

أي: في العقيدة بين التعطيل والتشبيه، بين تعطيل أسماء الله وصفاته، وبين تشبيه المخلوق بالخالق، والعقيدة وسط، فالمعطلة غلوا في التنزيه، فنَفَوا الأسماءَ والصِّفات، والمشبهة غَلَوا في الإثبات حتَّى شبهوا الله بخلقه، والعقيدة وسط، قال سبحانه: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ [الشورى: 11] هذا رد على المشبهة، ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ [الشورى: 11] هذا فيه رد على المعطلة.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5063)، ومسلم رقم (1401).