﴿وَيُحِبُّ
ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ﴾ المتطهرين: جمع
متطهِّر، اسم فاعل من الطهارة، وهي النزاهةُ والنظافةُ عن الأقْذارِ حسيةً كانت أو
معنوية، وفي الآيةِ الكريمةِ إخبارٌ من اللهِ سبحانه عن محبتِه لهذين الصنفين من
عباده التوابين والمتطهرين.
وقوله تَعالَى: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي
يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ﴾ سببُ نزول هذه الآية الكريمة -كما ذكره ابن كثير وغيره-
أن قومًا زعموا أنهم يحبون اللهَ فابتلاهم الله، أي: اختبرَهم بهذه الآية، فهي
حاكمةٌ على كلِّ من ادَّعى محبةَ الله وليس هو على الطريقةِ المُحمَّدية بأنه
كاذبٌ في دعواه، وقوله: ﴿يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ﴾ أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم
من محبتِكم إياه، وهو محبتُه إياكم، وهو أعظمُ من الأول.
وقولُه تَعالَى: ﴿ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ
يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾ هذا جوابُ الشرط في قوله: ﴿مَن
يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ﴾، يقولُ تَعالَى مُخبِرًا عن
قدرتِه العظيمة أنه من تولى عن نصرةِ دينِه وإقامةِ شريعتِه أنه يُستبدلُ به من هو
خيرٌ منه، وهم قومٌ متصفون بصفاتٍ عظيمة من أعظمِها: أنَّ اللهَ يُحبُّهم وهم
يحبونه، والمراد بهم: أبو بكر الصديق وجيشه من الصَّحَابَة، والتَّابعون رضي اللهُ
عنهم الذين قاتلوا أهلَ الرِّدة، ثم كل من جاء بعدهم من المقاتلين للمرتدين إلى
يوم القيامة.
وقولُه تَعالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ﴾ إخبار منه مؤكد أنه سبحانه يحب من اتصف بهذه الصفة: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا﴾ أي: يجاهدون بأموالهم وأنفسهم لإعلاء كلمة الله