النوعُ الثاني: رحمةٌ تضافُ إليه سبحانه
من إضافةِ المخلوقِ إلى خالقِه كالمذكورة في هذا الحديث، وكما في حديث: «خَلَقَ
اللهُ مِائَةَ رَحْمَةٍ» ([1]) الحديث، فطلب صلى
الله عليه وسلم من ربه إنزال هذه الرحمة على المريض لحاجته إليها؛ ليشفيه بها.
والشاهدُ من الحديث: أن فيه إثباتَ
العلوِّ لله تَعالَى، وأنه في السماء، والعلوُّ صفة ذاتية كما سبق، كما أن في
الحديث التوسل إلى الله تَعالَى بالثناء عليه بربوبيته وإلهيته وقدسيته وعلوه
وعموم أمره وبرحمته، ثم في الحديث طلب المغفرة من الله وشفاء المرض.
وقوله صلى الله عليه
وسلم: «أَلاَ تَأْمَنُونِي» هذا خطابٌ منه صلى الله عليه وسلم لمن اعترضَ
عليه في بعض قسمتِه المال، و«أَلاَ»: أداة استفتاح وتنبيه، و«تَأْمَنُونِي»:
من الأمانة، وهي عدمُ المحاباة والخيانة، أي: ألا تأمنوني في قسمة المال، «وَأَنَا
أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ» وهو اللهُ سبحانه قد ائتمنني على وحيه ورسالتِه
وتبليغِ شرعِه، وكفى بذلك شهادة على أمانتِه وصدقه صلى الله عليه وسلم.
والشاهدُ من الحديث: أن فيه إثباتَ
العلوِّ لله سبحانه، حيث قال: «مَنْ فِي السَّمَاءِ» وسبق شرح الجملة
قريبًا.
وقوله: «والعرش فوق ذلك» تقدَّمَ تفسيرُ العرش، وقوله: «فوقَ ذلك» أي: فوق المخلوقات التي بيَّنها الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لأصحابِه في الحديثِ الذي ذكر فيه بُعد ما بين السماء والأرض، وما بين كلِّ سماءٍ وسماء، وكِثَف كلِّ سماء، والبحر الذي فوقَ السماءِ السابعة، وما بين
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6469)، ومسلم رقم (2752).