«رَبَّنَا
وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ» أي: خالقنا ورازقنا وخالق كل شيء ومالكه، ففيه إثبات
ربوبيته لكل شيء، «فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى» أي: شاقّ حب الطعام ونوى
التمر للإنبات، «مُنْزِلَ التَّوْرَاة» على موسى «وَالإِنْجيل» على
عيسى «والفُرْقَان» على مُحمَّد عليهم أفضل الصَّلاة والسَّلام، وفي ذلك
دليل على فضل هذه الكتب، وأنها منزلة من الله تَعالَى.
«أعوذُ» أي: ألتجئ وأعتصم «بك»
يا الله «من شرِّ كلِّ دابة» أي: كل ما دَبَّ على وجهِ الأرض «أنت آخذ
بناصيتها» الناصية: مقدَّم الرأس، أي: هي تحت قهرِك وسلطانك تصرفّها كيف تشاء
لتصرف شرها عني.
«أَنْتَ الأَْوَّلُ
فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآْخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ
الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ
شَيْءٌ» هذه الأسماءُ الأربعة: اسمان لأزليتِه وأبديتِه وهما: «الأول والآخر»،
واسمان لعلوِّه وقربِه، وهما: «الظاهر والباطن» وهما محِل الشاهدِ من
الحديث؛ لأن فيهما إثباتَ علوِّ اللهِ وقربه، وأنهما لا يتنافيان، ولا يتناقضان،
فهو قريبٌ في عُلوِّه عَلِيٌّ في دُنوِّه.
«اقضِ عني الدين» أي: أدِّ عَنِّي حقوقَ اللهِ وحقوقَ الخلق، وفي هذا التبرؤ من الحولِ والقوة، «وأغنِني من الفقر» الفقر: الحاجة، والفقير: هو من لا يجدُ شيئًا، أو يجدُ بعضَ الكفاية، وفي الحديثِ أيضًا مشروعيةُ التوسلِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى بأسمائِه وصفاتِه في قضاءِ الحاجةِ وإجابةِ الدعاء.