والشَّاهِدُ من
الآية الكريمة: أنَّ فيها إثباتُ الموازينِ والوزنِ يوم القيامة، وقد وَرَدَ ذِكْرُ
الوَزنِ والموازين في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن، وقد أفاد مجموعُ النُّصوصِ أنَّه
يُوزَنُ العاملُ والعملُ والصُّحفُ، ولا مُنافاةَ بينها، فالجميع يُوزَنُ، ولكنَّ
الاعتبارَ في الثِّقلِ والخِفَّةِ يكون بالعمل نفسِه لا بذات العامل ولا
بالصَّحيفة. واللهُ أعلم.
وقد تَأوَّلَ
المُعتزِلَةُ النُّصوصَ في ذلك على أنَّ المرادَ بالوزنِ والميزانِ العدلِ. وهذا
تأويلٌ فاسدٌ، مخالفٌ للنُّصوصِ وإجماعِ سَلَفِ الأمَّةِ وأئمتِها.
قال الشَّوكانيُّ: «وغايةُ
ما تَشبَّثُوا به مجرَّد الاستبعادات العقليّة، وليس في ذلك حجَّةٌ على أحدٍ. فهذا
إذا لم تقبلْه عقولُهم فقد قبِلَته عقولُ قومٍ هي أقوى من عقولهم، من الصَّحَابَة
والتَّابعين وتابعيهم، حتَّى جاءت البدعُ كاللَّيلِ المُظلِمِ، وقال كُلٌّ مَا
شَاءَ، وتركوا الشَّرعَ خَلفَ ظهورِهم. اهـ. وأمورُ الآخرَة ليست ممَّا تدركها
العقولُ. والله أعلم».
3- ومما ذَكَرَه الشَّيخُ من حوادثِ هذا اليومِ العظيمِ قوله: «وتُنْشَرُ الدَّواوينُ، وَهِي صَحَائفُ الأعمالِ» أي: الصَّحائف التي كُتِبتْ فيها أعمالُ العباد التي عملوها في الدُّنيا، وكَتبَتْها عليهم الحفظةُ؛ لأنَّها تُطْوَى عند الموت وتُنْشَرُ -أي: تُفْتَحُ- عند الحساب؛ ليقفَ كُلُّ إنسانٍ على صحيفتِه فيَعلمَ مَا فِيها، «فَآخِذٌ كِتابَه بِيمينِه، وَآخِذٌ كِتابَه بِشِمَالِه أو مِن وَرَاءِ ظَهرِه» هذا فيه بيانُ كيفيةِ أَخْذِ النَّاس لِصُحُفِهم،