×
شرح العقيدة الواسطية

 4- ثمَّ ذَكَرَ الشَّيخُ رحمه الله الحسابَ فقال: «ويُحَاسِبُ اللهُ الخلائقَ». الحساب: هو تعريفُ اللهِ عز وجل للخلائقِ بمقاديرِ الجزاءِ على أعمالهم، وتَذْكِيرُه إيَّاهُم ما قد نَسُوه مِن ذلك. أو بعبارةٍ أخرى: هو توقيفُ اللهِ عبادَه قبلَ الانصرافِ من المحْشَرِ على أعمالهم خيرًا كانت أو شرًا.

ثمَّ ذَكَر الشَّيخُ رحمه الله أنَّ الحسابَ على نوعين:

النوعُ الأول: حسابُ المؤمِنِ قال فيه: «وَيَخْلُو بعبده المُؤمنِ، فيُقَرِّرُه بذُنُوبِه، كما وُصِفَ ذلك بالكتابِ والسُّنَّةِ» كما قال الله تَعالَى: ﴿ فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ ٧ فَسَوۡفَ يُحَاسَبُ حِسَابٗا يَسِيرٗا ٨ وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورٗا ٩ [الانشقاق: 7- 9]، وفي الصَّحيحين، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يُدْنَى المُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ يَقُولُ: أَعْرِفُ، يَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ مَرَّتَيْنِ، فَيَقُولُ: سَتَرْتُهَا فِي الدُّنْيَا، وَأَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، ثُمَّ تُطْوَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ» ([1]) ومعنى «يقرِّره بذنوبه»: يجعله يُقرُّ، أي: يعترف بها، كما في هذا الحديث. «أَتَعْرِفُ ذنبَ كذا، أَتَعْرِفُ ذنبَ كذا». ومن المؤمنين من يدخل الجنَّةَ بغير حسابٍ، كما صحَّ في حديثِ السبعينَ ألفًا الَّذين يدخلونَ الجنَّةَ بِلا حسابٍ ولا عذابٍ.

والحسابُ يَختلفُ؛ فمنه اليَسيرُ وهو العَرْضُ، ومنه المُنَاقَشَةُ، وفي الصَّحيحينِ عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَومَ القِيامَةِ إِلاَّ هَلَكَ». فقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيسَ قَدْ قَالَ اللهُ تَعالَى:


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4685)، ومسلم رقم (2768).