×
شرح العقيدة الواسطية

 وأهلُ السُّنَّةِ والجَماعَة يؤمنون بهذه الشفاعات كلِّها؛ لثبوت أدلَّتها. وأنَّها لا تتحقَّق إلا بشرطين:

الشَّرط الأوَّل: إذْنُ اللهِ للشَّافع أن يشفع، كما قال تَعالَى: ﴿ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البقرة: 255]، ﴿ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ [يونس: 3].

الشَّرط الثَّاني: رضا اللهِ عن المشفوع له، كما قال تَعالَى: ﴿ وَلَا يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ [الأنبياء: 28]، ويجمع الشَّرطين قوله تَعالَى: ﴿ وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡ‍ًٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ [النجم: 26].

وقد خالفتْ المعتزلةُ في الشَّفاعةِ لأهلِ الكبائرِ من المؤمنين، فيمن استحقَّ النَّارَ منهم أن لا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرجَ منها. أي: في النوعِ الخامس والسَّادسِ من أنواعِ الشَّفاعة، ويحتجُّون بقوله تَعالَى: ﴿ فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ [المدَّثر: 48].

والجوابُ عنها: أنَّها واردةٌ في حقِّ الكفارِ فهم الَّذين لا تنفعُهم شفاعة الشَّافعين. أمَّا المؤمنين فتنفعُهم الشَّفاعة بشروطها.

·        هذا وقد انقسم النَّاس في أمرِ الشَّفاعةِ إلى ثلاثةِ أصناف:

الصِّنف الأوَّل: غَلَوْا في إثباتِها، وهم: النَّصارى، والمشركون، وغُلاة الصُّوفية، والقبوريون؛ إذ جعلوا شفاعةَ من يعظمونه عند اللهِ كالشَّفاعةِ المعروفةِ في الدُّنيا عند الملوك، فطلبوها من دونِ الله، كما ذكر اللهُ ذلك عن المشركين.


الشرح