وقوله: «أَوَّلَ مَا
خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ، قال له: اكْتُبْ» رُوِي بنصب «أوَّل»
و«القلم» على أن الكلام جملة واحدة، ومعناه: أنه عند أوَّل خلقه القلم قال
له: اكتب. ورُوي برفع «أوَّل» و«القلم» على أنَّ الكلام جملتان:
الأولى «أوَّلُ ما خلقَ اللهُ القلمُ»، و«قال له: اكتبْ» جملة ثانية،
فيكون المعنى: أن أولَ المخلوقاتِ من هذا العالمِ القلم.
وقولُه: «فما
أَصَابَ الإِنسَان لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ..» إلخ من كلامِ عُبادة بن
الصامت راوي الحديث، أي: ما يصيبُ الإِنسَان مما ينفعه أو يضرُّه فهو مُقدَّرٌ
عليه، لا بد أن يقعَ به، ولا يقع به خلافه. وقوله: «جفَّت الأقلامُ وطُويت
الصُّحفُ» كنايةٌ عن سَبْقِ كتابةِ المقاديرِ والفراغ منها، وهو معنى ما جاء
في حديث ابن عباس: «رُفِعَتِ الأَْقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» ([1]) رواه التِّرمذيُّ.
ثم ذكر الشيخُ من أدلَّةِ القرآنِ، قوله تَعالَى: ﴿ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ﴾ [الحج: 70]،: ﴿ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ﴾ الاستفهام للتَّقرير، أي: قد علمتَ يا مُحمَّد وتيقَّنتَ ﴿ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ﴾ فيه إحاطةُ علمِه بالعَالمِ العُلوي والعَالمِ السُّفلي وهذه مرتبةُ العلم ﴿ إِنَّ ذَٰلِكَ ﴾ أي: الَّذي في السَّماء والأرض من معلوماته ﴿ فِي كِتَٰبٍۚ﴾ أي: مكتوب عنده في أمِّ الكتاب، وهذه مرتبة الكتابة ﴿ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ﴾ أي: إنَّ إِحاطة علمه بما في السَّماء والأرض، وكتابتَه -يَسيرٌ عليه.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، والطبراني في « الكبير » رقم (11416).