الكعبةَ بمطلقِ ارتكابِه المعاصي الَّتي هي دون
الشِّرك والكفر. «كما يفعله الخَوارِج» إذ قالوا: من فعلَ كبيرةً فهو في
الدُّنيا كافرٌ، وفي الآخرَة مُخلَّدٌ في النَّار، لا يَخرج منها.
فأهلُ السُّنَّة
يَرَون: «أنَّ الأُخُوَّةَ الإِيمَانيَّة ثابتةٌ مع المعاصي»، فالعاصي أخٌ
لنا في الإِيمَان، واستدلَّ الشيخُ على ذلك بقولِه تَعالَى في آيةِ القَصاص: ﴿فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ
بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ [البقرة: 178]
المعنى: أنَّ الجانيَ إذا عفا عنه المجني عليه أو وَلِيه عن القَصاصِ ورَضِيَ بأخذ
المال في الدِّية - فعلى مُستحقِّ المالِ أن يطلبه بالمعروف من غيرِ عنف، وعلى من
عليه المال أن يؤديَه إليه من غيرِ مُمَاطَلَةٍ.
ووجهُ الاستدلالِ من
الآية: أنَّه سمَّى القاتلَ أخًا للمقتول، مع أنَّ القتلَ كبيرةٌ من كبائرِ
الذُّنوب، ومع هذا لم تزلْ معه الأُخوةُ الإِيمَانيَّة.
واستدلَّ الشيخُ
أيضًا بقوله تَعالَى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَاۖ﴾ [الحُجُرات: 9]
الآيتين، ووجهُ الاستدلالِ من الآيتين الكريمتين أنه سمَّاهم مؤمنين مع وجودِ
الاقتتال والبغي بينهم، وسمَّاهم إخوةً للمؤمنين بقولِه: ﴿فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ﴾.
ومعنى الآية إجمالاً: أنَّه إذا تقاتلَ فريقان من المسلمين فعلى المسلمين أن يسْعَوْا في الصُّلح بينهم، ويدعوهم إلى حكمِ الله. فإنْ حصلَ بعد ذلك التَّعدي من إحدى الطَّائفتين على الأخرى، ولم تَقبلْ الصُّلح - كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطَّائفَة الباغية؛ حتَّى ترجعَ إلى أمرِ الله وحكمِه، فإن رجعتْ تلك الطَّائفَة عن بغيها وأجابت الدعوةَ