إلى كتابِ الله
وحُكمِه، فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطَّائفتين في الحُكم، ويتحرَّوْا الصوابَ
المطابقَ لحكمِ الله، ويأخذوا على يدِ الطَّائفَة الظَّالمة؛ حتَّى تَخرجَ من
الظُّلم، وتؤدِّي ما يجبُ عليها للأخرى.
ثمَّ أمر اللهُ
سبحانه المسلمين أن يعدلوا في كلِّ أمورِهم بعد أمرِهم بهذا العدل الخاصِّ
بالطَّائفتين المقتتلتين، فقال: ﴿ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ أي: اعدلوا إنَّ
الله يحبُ العادلين، وقوله تَعالَى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَة﴾ جملة مُستأنَفَةٌ
مُقَرِرَةٌ لما قبلها من الأمر بالإصلاح.
والمعنى: إنَّهم يرجعون إلى
أمرٍ واحد، هو: الإِيمَان فهم إخوةٌ في الدِّين. ﴿ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ ﴾ يعني: كل
مُسلِمَيْن تخاصما وتقاتلا. وتخصيص الاثنين بالذِّكر لإثباتِ وجوبِ الإصلاح فيما
فوقهما بطريق الأَوْلَى. ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ﴾ [ [الحُجرَات: 10]
في كلِّ أموركم. ﴿لَعَلَّكُمۡ
تُرۡحَمُونَ﴾ بسبب التَّقوى.
وقوله: «ولا يَسْلُبُون الفاسقَ الملِّيَّ الإِسْلام بالكُلِّيَّة، ولا يُخَلِّدُونه في النَّار كما تقوله المعتزلة» أي: ومن أصول أهل السُّنة والجَماعَة أنهم «لا يسلبون» أي: لا يَنفون عن «الفاسق» الفسق: هو الخروجُ عن طاعةِ الله، والمراد بالفاسق هنا: الَّذي يرتكب بعضَ الكبائر؛ كشربِ الخمرِ والزِّنا والسَّرقة مع اعتقاد حُرمة ذلك. «الملِّيَّ» أي: الَّذي على ملَّةِ الإِسْلام، ولم يرتكبْ من الذُّنوب ما يوجب كفره، فأهلُ السُّنةِ والجَماعَة لا يَسلُبُونه الإِسْلام بالكلِّيَّة فيحكمون عليه بالكفر، كما تقولُه الخَوارِج في الدُّنيا «ولا يُخلِّدونه في النَّار» أي: يحكمون عليه بالخلود