ذلك
بأنه على كل شيء قديرٌ.
وكل
شيء إليه فقيرٌ.
****
هذا وصف أزلي، لا يقال بأنه ما استفاد القدرة إلا بعد أن خلق وأوجد المخلوقات،
بل القدرة صفة أزلية، وإنما كونه أوجد المخلوقات فهذا أثر ناتج من كونه على كل شيء
قدير.
والله هو الذي وصف نفسه بأنه على كل شيء قدير من الموجودات ومن المعدومات،
لم يقيِّد قدرتَهُ بشيء معين، لا يُعجِزُه شيء، ولا يجوز التقييد بأنه قدير على
كذا، ولا يقال: إنه على ما يشاء قدير، إنما هذا خاص بجمع الله سبحانه وتعالى لأهل
السموات والأرض: ﴿وَمِنۡ
ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن
دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ﴾ [الشورى: 29] وهذه
قضية معينة.
لا شيء يمكن أن يستغني عن الله لا من المَلائكَة ولا السموات والأرض ولا
الجن ولا الإنس، ولا الجامدات من الجبال ولا البحار، كل شيء فقير إلى الله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ﴾ [فاطر: 15]؛ فكل
شيء إليه فقير، لا الأولياء ولا السموات يمكن أن يستغنوا عن الله، ومن يقول: إن
الأولياء لهم قدرة غير البشر وإنهم يتصرَّفون في الكون، وإنهم ينفعون ويضرُّون من
دون الله، فذلك من قول الكَفَرة والمشركين، فليس للأولياء والرسل والمَلائكَة
غِنًى عن الله ولا تصرُّفٌ من دونه.
وهذا مما يبطل عبادةَ غير الله من الأصنام ونحوها، كيف تعبد أشياءَ فقيرةً وتنسى الذي بيده مَلَكُوتُ كل شيء؟
الصفحة 4 / 224