وقد ذمَّه الله وعابه وأوعده
بسقَرَ؛ حيث قال تعالى: ﴿سَأُصۡلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر: 26].
فلما
أوعد الله بسقَرَ لمن قال: ﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ﴾ [المدثر: 25]،
علمنا وأيقنَّا أنه قول خالق البَشَر.
****
وقد ذم الله عز وجل من قال هذه المقالة، فجعل القرآن كلام البشر.
كما قال الوليد بن المغيرة المخزومي، وهو من أكابر كفار مكة ومن عظمائهم
وكانوا يسمونه: زَهْرَة مكة؛ لشرفه فيهم، فلما سمع القرآن من الرسول صلى الله عليه
وسلم أعجبه وعلم أنه ليس من كلام البشر، ومدح القرآن فقال: ليس بالشعر وليس
بالسحر، أنا أعرف ضُرُوبَ الشعر، وأعرف أنواع السحر، وأعرف الكهانة، وأعرف
وأعرف... فليس القرآن من هذه الأمور؛ فعند ذلك توجه إليه قومه الكفَّار بالتوبيخ
والتعنيف؛ لأن معنى هذا أنه اعترف للرسول بالرسالة، فلما رأى ذلك انحرف - والعياذ
بالله - بالكلام فقال: ﴿إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ﴾ [المدثر: 25] فأنزل
الله عز وجل: ﴿إِنَّهُۥ
فَكَّرَ وَقَدَّرَ ١٨فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ ١٩ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ ٢٠ثُمَّ
نَظَرَ ٢١ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ٢٢ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ ٢٣فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ
إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ ٢٤إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ ٢٥﴾ [المدثر: 18، 25]
قال عز وجل: ﴿سَأُصۡلِيهِ
سَقَرَ﴾ [المدثر: 26]، وهي النَّار.
فمن قال: إن القرآن ليس كلام الله وإنه كلام البشر، أو الملك، فهو مثل الوليد بن المغيرة، فما الفرق بين هذا وهذا إلا أنه ادعى الإسلام والوليد لم يدَّعِ الإسلام؟! فدعوى الإسلام لا تكفي؛
الصفحة 5 / 224