ولذلك قال: ﴿وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ﴾ [البقرة: 165].
فالمؤمنون لا يحبون إلا الله، ومحبتهم أشد من محبة أهل الأصنام لأصنامهم؛
لأن محبة الله لا تنقطع في الدُّنيا ولا في الآخرة، أما محبة غيره من المعبودين
فتنقطع في الآخرة، وتحصل العداوة بين من عبد من دون الله ومن عبده؛ ﴿وَإِذَا
حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ﴾ [الأحقاف: 6].
﴿إِنَّمَا ٱتَّخَذۡتُم
مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡثَٰنٗا مَّوَدَّةَ بَيۡنِكُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ
ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُ بَعۡضُكُم بِبَعۡضٖ وَيَلۡعَنُ بَعۡضُكُم
بَعۡضٗا وَمَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ﴾ [العنكبوت: 25].
النَّوع الثاني: المحبة في الله ولأجل الله، وذلك بأن تحب ما يحبه الله
من الأعمال والأشخاص، وتحب أهل الإيمان والتقوى، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ
وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، فأنت تحبهم؛
لأن الله يحبهم، وفي مقدمة هؤلاء: المَلائكَة، والأنبياء والرسل، والأولياء
والصالحون، وجميع المؤمنين.
وهذه تسمى المحبة في الله، وهي أوثق عرى الإيمان، كما جاء في الحديث: «أَوْثَقُ عُرَى الإِْيمَانِ الْحُبُّ فِي
اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» ([1])
وقال صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِْيمَانِ» ذكر منها: «أَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ» ([2]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (16)، ومسلم رقم (43).