· وقد
ذكر العلماء أن النَّاس في المحبة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: منهم من يُحَبُّ محبة خالصة ليس معها بغضاء، وهم
المَلائكَة والرسل عليْهم الصَّلاة والسَّلام وخُلَّص المؤمنين كالصَّحابة؛ ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي
قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [الحشر: 10]، وكذلك
السلف الصالح، وأَهل السُّنة والجمَاعة؛ لصَفَاءِ ما هم عليه من العقيدة وما هم
عليه من الحق؛ لطاعتهم لله ورسوله.
القسم الثاني: من يُبغَضُ بغضًا خالصًا ليس معه محبة، وهم الكفَّار
أعداء الله، ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾ [الممتحنة: 1] أي:
أحِبَّاءَ تحبونهم وتوالونهم وتناصرونهم، وتدافعون عنهم، بل الواجب التبرؤ منهم؛
لأنهم أعداء الله، ﴿لَّا
تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ
حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ
أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلۡإِيمَٰنَ
وَأَيَّدَهُم بِرُوحٖ مِّنۡهُۖ وَيُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ﴾ [المجادلة: 22]
والمقصود بالروح هنا: قوة الإيمان.
القسم الثالث: من يجتمع فيه محبة وبغض، وهو المؤمن العاصي، يُحَبُّ
من وجه، ويُبغَضُ من وجه؛ تحبه لما فيه من الخير والطاعة، وتبغضه لما فيه من
المعاصي والمخالفة، هكذا ينبغي على المسلم أن يميِّز.
والمحبة بابها باب عظيم ينبغي التنبه له ومعرفته؛ لأن عليه مدارًا عظيمًا في العقيدة وأمور الدين، فالإِنسَان لا يمشي إمَّعة، لا يدري من
الصفحة 4 / 224