المرحلة الرابعة: لما قوي المُسْلمون، وكانت لهم شوكة، وللإسلام دولة،
أُمروا بالقتال مطلقًا؛ ﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ
ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ
وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ﴾ [التوبة: 5]، ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا
تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ﴾ [الأنفال: 39].
فأمر الله بالقتال مطلقًا، فلما صاروا متهيِّئِين ولهم قوة وعندهم استعداد،
فشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو، غزوة بدر وأحد والخندق وهكذا، حتَّى
جاء الفتح، ودخل النَّاس في دين الله أفواجًا، ثم تُوُفِّي رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ثم حصلت الردة فقاتلهم أبو بكر، فلما فرغ منهم شرع في الجهاد للكفار،
فجيَّش الجيوش لقتال فارس والروم، وتوفي، ثم جاء عمر رضي الله عنه فواصل الفتوح
حتَّى أسقط دولة كسرى وقيصر، ونشر الدين وصارت سيطرتهم على جميع الأرض مشارقها
ومغاربها، هذا هو القتال في الإسلام.
ومن ينظم القتال ويقوده؟ هو الإمام، فنحن نتبع الإمام، فإن أُمِرنا بالغزو
نغزو، ولا نغزو بغير إذن الإمام؛ فهذا لا يجوز؛ لأنه من صلاحيات الإمام: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ
ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ [التوبة: 38].
فالقتال من صلاحيات الإمام، فإذا استنفر الإمام النَّاس للقتال وجب على كل من أطاق حمل السلاح، ولا يشترط في الإمام الذي يقيم الحج والجهاد أن يكون غير عاصٍ؛ فقد يكون عنده بعض المعاصي والمخالفات، لكن ما دام أنه لم يخرج من الإسلام فيجب الجهاد
الصفحة 4 / 224