وقال سبحانه: ﴿أَنۡ
أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ﴾ [الشورى: 13].
فالواجب على المُسْلمين أن يكونوا أمة واحدة في عقيدتها وفي عبادتها وفي
جماعتها وطاعتها لولي أمرها، فتكون يدًا واحدة، وجسمًا واحدًا، وبنيانًا واحدًا،
كما شبهها النَّبي، وهذا رحمة للمُسْلمين، تُحقَن دماؤهم، وتتآلف قلوبهم، ويأمن
مجتمعهم، فإذا حصل هذا درت عليهم الأرزاق، أما إذا تناحروا وتقاطعوا وتباغضوا تسلط
عليهم الأعداء، وسفك بعضهم دماء بعض.
· والاختلاف على قسمين:
القسم الأول: اختلاف في العقيدة: وهذا لا يجوز أبدًا؛ لأنه
يُوجِب التناحر والعداوة والبغضاء ويفرِّق الكلمة؛ فيجب أن يكون المُسْلمون على
عقيدة واحدة، وهي عقيدة لا إله إلا الله، واعتقاد ذلك قولاً وعملاً واعتقادًا،
والعقيدة توقيفية ليست محلًّا للاجتهاد، فإذا كانت كذلك فليس فيها مجال للتفرق،
فالعقيدة مأخوذة من الكتاب والسنة، لا من الآراء والاجتهادات.
فالفُرقة في العقيدة تؤدِّي إلى التناحر والتباغض والتقاطع، كما حصل من الجهمية والمُعتزلَة والأشاعرة والفرق الضالة التي أخبر عنها النَّبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «إِنْ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً» قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» ([1])؛ فما يجمع النَّاس إلا ما كان مثل ما عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
([1])أخرجه: البخاري رقم (3443)، ومسلم رقم (2365).
الصفحة 3 / 224