ولا من الربوبية شيء، وإنما هو عبد الله ورسوله، مؤتمِرٌ بأوامره، منتهٍ عن
نواهيه، مبلغ عن الله عز وجل.
وهذا فيه رد على الغلو فيه؛ لأن هناك من يَغلُون في الرسول، ويجعلون له
شيئًا من الربوبية أو الألوهية، ويدعونه مع الله، وهذا غلو - والعياذ بالله - كما
غلت النصارى في المسيح عيسى بن مريم، وقالوا: إنه ابن الله أو الله أو ثالثُ
ثلاثة.
ففي قوله: «عبده المصطفى» فيه ردٌّ للغلوِّ، فهو عبد، وكل مَن في
الأرض والسموات عبيد لله عز وجل، قال سبحانه: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا﴾ [مريم: 93].
فالمَلائكَة عبيد ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ
وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ ٢٦لَا يَسۡبِقُونَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ
وَهُم بِأَمۡرِهِۦ يَعۡمَلُونَ ٢٧﴾ [الأنبياء: 26، 27].
والأنبياء والرسل عبيد، كما قال سبحانه في نوح عليه السلام: ﴿كَانَ
عَبۡدٗا شَكُورٗا﴾ [الإسراء: 3]، وقال عز وجل: ﴿فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا﴾ [القمر: 9].
وقال في داود: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ
ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ﴾ [سورة ص: 17].
وقال في سليمان: ﴿نِعۡمَ ٱلۡعَبۡدُ إِنَّهُۥٓ
أَوَّابٌ﴾ [سورة ص: 30].
وقال في أيوب: ﴿وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَآ
أَيُّوبَ﴾ [سورة ص: 41].
وقال في عيسى: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا عَبۡدٌ
أَنۡعَمۡنَا عَلَيۡهِ وَجَعَلۡنَٰهُ مَثَلٗا لِّبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ﴾ [الزخرف: 59].
فإذا كان الأنبياء والرسل والمَلائكَة عبيد لله، وهم أشرف الخلق، فغيرهم من الأولياء والصالحين من باب أولى.