×
التَّعْلِيقَات المختصرة على مَتْن الْعَقِيدَة الطحاوية

﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا [طه: 110]، وقال جل وعلا: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ [الأنعام: 103] يعني: لا تحيط به، وليس معناه: لا تراه؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يقل: لا تراه الأبصار، إنما قال: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ [الأنعام: 103] فالإدراك شيء والرؤية شيء آخر، فهي تراه سبحانه بدون إحاطة.

وفي هذا ردٌّ على من استدل بهذه الآية على نفي الرؤية وقال: الرؤية لا تمكن؛ لأن الله قال: ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ [الأنعام: 103]

فنقول لهم: أنتم لا تعرفون معنى ﴿لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ [الأنعام: 103] معناها: لا تحيط به، وليس معناه: لا تراه، ولم يقل سبحانه: لا تراه الأبصار.

واستدلوا أيضًا فقالوا: موسى عليه السلام قال: ﴿رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِي [الأعراف: 143] هذا دليل على نفي الرؤية.

نقول لهم: هذا في الدُّنيا؛ لأن موسى سأل ذلك في الدُّنيا، ولا أحد يرى الله في الدُّنيا لا الأنبياء ولا غيرهم، وأما في الآخرة فيرى المؤمنون ربهم، وحال الدُّنيا ليست كحال الآخرة، فالنَّاس في الدُّنيا ضِعَافٌ في أجسامهم وفي مداركهم، لا تستطيع أن ترى الله عز وجل، وأما في الآخرة فإن الله يعطيهم قوة يستطيعون بها أن يروا ربهم جل وعلا إكرامًا لهم.

ولهذا لما سأل موسى ربه في هذه الآية: ﴿قَالَ لَن تَرَىٰنِي وَلَٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِيۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّٗا [الأعراف: 143] الجبل اندَكَّ وصار ترابًا، والجبل أصمُّ صُلبٌ،


الشرح