والقسم الثاني: شفاعة سيئة: وهي التوسط في أمور محرَّمة، كالشفاعة في إسقاط
الحدود إذا وجبت، وهذا يدخل فيمن لعنه النَّبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «لَعَنَ
اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» ([1]).
والشفاعة أيضًا في أخذ حقوق الآخرين وإعطائها لغير مستحقها، قال تعالى: ﴿مَّن
يَشۡفَعۡ شَفَٰعَةً حَسَنَةٗ يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٞ مِّنۡهَاۖ﴾ [النساء: 85].
أما الشفاعة عند الله فليست كالشفاعة عند المخلوق، فالشفاعة عند الخالق: أن
يكرم الله جل وعلا بعض عباده في أن يدعو لأحد المُسْلمين المستَحِقِّين للعذاب
بسبب كبيرة ارتكبها، فيشفع عنده الشافع في أن يعفو عنه ولا يعذِّبه؛ لأنه مؤمن
موحد؛ فيشفع الشافع عند الله جل وعلا بأن يعفو عنه، أو فيمن دخل النَّار في معصية
فيشفع الشافع عند الله في أن يَخرُجَ ويُرفَعَ عنه العذاب، وهي ما تسمى بالشفاعة
في أهل الكبائر.
· لكن الشفاعة عند الله يُشترط لها
شرطان:
الشرط الأول: أن تكون بإذن الله؛ فلا أحد يشفع عند الله إلا بإذنٍ، فهو الذي يأذن للشافع أن يشفع، أما من قبل أن يأذن فلا أحد يتقدم إلى الله عز وجل: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ﴾ [البقرة: 255]، وليس كالمخلوق الذي يتقدم النَّاس للشفاعة عنده وإن لم يأذن، فالله جل وعلا لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1870)، ومسلم رقم (1370).