لم يطَّلِع على ذلك مَلَك
مُقَرَّب ولا نبيٌّ مُرسَل.
والتَّعمُّقُ
والنَّظَر في ذلك ذَرِيعَةُ الخِذلاَنِ، وسُلَّمُ الحِرمَانِ، ودرجة الطُّغيَانِ.
فالحذَرَ كلَّ
الحذَرِ من ذلك نَظَرًا وفِكْرًا ووَسْوَسَةً.
فإن الله تعالى
طَوَى عِلْمَ القَدَر عَن أَنامِهِ.
****
هذا من شأن الله عز وجل، ومن
الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يعلمه غيره، لا المَلائكَة ولا الأنبياء ولا
غيرهم، وأفضل الرسل يقول: ﴿وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ
لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ﴾ [الأعراف: 188].
هذا كلام عظيم؛ أي: التعمق في القضاء والقدر ومسائله، وإشغال الوقت والنفس
والقلب، مما يُورِثُ الشُّكوكَ ويُخَذِّل عن العمل، فهذا من اللَّعِب والخِذلان.
إذا خذل الله العبد شغله في هذه الأمور، وإذا أكرم الله العبد شغله في
طاعته واغتنام وقته.
فنحن لنا حدود لا نتعداها، فالله ما كَلَّفَنا بالبحث في القضاء والقدر،
ولكن كلفنا باعتقاد ذلك بالعمل الصالح وترك العمل السيئ.
أي: احذر من هذه الأمور، والنظر في هذه الأمور، والتفكير فيها، والوسوسة
وهي: التردُّدُ والشَّكُّ، اترُكْ هذه الأمور، وسُدَّ هذا الباب أصلاً.
هذا تأكيد لما سبق «القدر سر الله تعالى» ومعنى طوى: أخفى، فطوى الله هذه المعلومات عن خلقه؛ لأنه ليس لهم فيها مصلحة.