وقوله تعالى: ﴿أَمۡ
نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ﴾ [سورة ص: 28] إلى غير ذلك
من الآيات التي تدل على أن الله لا يسوي بين أهل طاعته وأهل معصيته، ولا بين أهل
الإيمان وأهل الكفر، بل يجازي كلًّا بعمله.
«ولم يجعلهم في الدارين كأهل نُكْرَتِهِ الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا
من ولايته» بل مَيَّز بينهم سبحانه في الدُّنيا وفي الآخرة، ميز بين أهل الطاعة
والمعصية، وبين أهل الكفر والإيمان، في الدُّنيا وفي الآخرة، ميز بينهم في
الدُّنيا في صفاتهم وعلاماتهم وأفعالهم، فليست أفعال أولياء الله وأهل الطاعة مثل
أفعال أعدائه ولا أقوالهم ولا تصرفاتهم.
انظر إلى النَّاس الآن، وانظر إلى تصرفاتهم، انظر إلى تصرفات المتقين
والمؤمنين، وانظر إلى تصرفات الفَسَقة والعاصين، وانظر إلى تصرفات الكفَّار
والملحدين. هذا في الدُّنيا.
وفي الآخرة: كذلك يميز الله بينهم، فهؤلاء يكرمهم بجنته، وهؤلاء
يعذبهم بناره وعقوبته؛ لأنه سبحانه حكيم يضع الأمور في مواضعها، فلا يضع الرحمة
إلا فيمن يستحقها، ولا يضع سبحانه وتعالى العذاب إلا فيمن يستحقه.
لكن قوله: «أهل معرفته» فيه قُصورٌ وإِيهَامٌ أن الإيمان هو مجرَّد المعرفة كما يقوله غلاة المرجئة فلو قال: «أهل طاعته» لكان أحسَنَ وأوضَحَ.