ولم
يُكلِّفْهُم الله تعالى إلاَّ ما يُطِيقُون.
****
قدرة، والإِنسَان الذي لم يُعطِه
الله قدرة ولا استطاعة فهذا قد عذره الله، مثل المجنون والمُكْرَه، فليس عنده
إرادة، وليس عنده قصد، أما من عنده إرادة وقصد، فهذا الذي يختار الفعل لنفسه،
والعقاب والثواب يقع على فعله، وليس على فعل الله عز وجل.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [البقرة: 62]، ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ﴾ [البقرة: 161] أسند الإيمان إليهم، وكذلك أسند الكفر.
﴿أَطِيعُواْ
ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ﴾ [النساء: 59]، ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ﴾ [النور: 52] أسند الأفعال إلى العباد.
والدليل على أن العبد له إرادة وقصد: قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ
أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا﴾ [الإِنسَان: 30]؛
فأثبت الله سبحانه له مشيئة وللعبد مشيئة، وجعل مشيئة العبد تحت مشيئته سبحانه؛ ﴿لِمَن
شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَسۡتَقِيمَ﴾ [التكوير: 28] شاء، أي:
باختياره، وفي هذا رد على الجبرية، ﴿إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ﴾ [الإِنسَان: 30] في
هذا رد على القدرية.
قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ
نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ﴾ [البقرة: 286]، ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا
مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ﴾ [البقرة: 286]، ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ
وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ﴾ [البقرة: 185].
فالله لا يكلف العباد ما لا يطيقون، إلا من باب العقوبة، كما حمَّل بني إسرائيل بسبب تعنُّتِهم: ﴿فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ وَبِصَدِّهِمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرٗا ١٦٠وَأَخۡذِهِمُ ٱلرِّبَوٰاْ وَقَدۡ نُهُواْ عَنۡهُ وَأَكۡلِهِمۡ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِۚ وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٦١﴾ [النساء: 160، 161]؛