ولا يُطِيقُون إلا
ما كلَّفَهُم.
وهو
تفسير: «لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله». نقول: لا حِيلَةَ لأحَدٍ، ولا حَرَكَةَ
لأحَدٍ ولا تَحَوُّل لأحَدٍ عن مَعصِيَةِ الله إلا بمَعونَةِ الله، ولا قُوَّةَ
لأحَدٍ على إقامة طَاعَةِ الله والثَّباتِ عليها إلا بتَوفِيق الله.
****
فالله عاقبهم فكلفهم بما لا يطيقون؛ ولذلك جاء في الدُّعاء: ﴿رَبَّنَا
وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِنَاۚ﴾ [البقرة: 286].
فالله - فضلاً منه وإحسانًا - لا يكلف العباد إلا ما يطيقون، رحمة منه، فهو
رحيم: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾ [البقرة: 143].
هذا فيه نظر؛ بل يطيقون أكثر مما كلفهم، ولكن الله يريد بهم اليسر ولا يريد
بهم العسر، فالله وضع عنهم المشقة، وشرع لهم الدين اليسر، ونهاهم عن الزيادة على
الاعتدال، فلا يجوز للإنسان أن يصلي كل الليل، وكذلك لا يجوز له تَرْك الزواج، قال
صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ،
وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي!» ([1]).
فالله لا يكلف ما يشق عليهم، والله لو كلفهم لأطاقوا، ولكن لا يرضى لهم
المشقة والعسر.
«لا حول» أي: لا تحوُّل من حال إلى حال «إلا بالله» عز وجل وإعانته.
وكذلك: ليس لك قوة إلا من قوة الله عز وجل، ففي هذا تسليم وبراءة من الحول والقوة؛ فالإِنسَان لا يُعجَب بحوله ولا بقوته، وإنما يرجع
([1])أخرجه: مسلم رقم (1631).