ثم الذين آمنوا وجاهدوا قبل الفتح، فهم أفضل من الصَّحابة الذين آمنوا
وجاهدوا بعد الفتح، قال تعالى: ﴿لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ
أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ
أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾ [الحديد: 10]،
والمراد بالفتح: صلح الحديبية.
ثم المهاجرون عمومًا، ثم الأنصار؛ لأن الله قدَّم المهاجرين على الأنصار في
القرآن، قال سبحانه: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ﴾ [التوبة: 100].
وقال سبحانه: ﴿لِلۡفُقَرَآءِ
ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ
يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ
أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾ [الحشر: 8]. وهؤلاء هم
المهاجرون، ثم قال سبحانه في الأنصار: ﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ
وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ
فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ
وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].
فقدَّم المهاجرين وأعمالَهم على الأنصار وأعمالِهم؛ مما دل على أن
المهاجرين أفضل؛ لأنهم تركوا أوطانهم وأموالهم وهاجروا في سبيل الله، فدل على صدق
إيمانهم.
فجميع الصَّحابة يجب حُبُّهم ومُوالاَتُهم، ولا نتدخل فيما حصل بينهم من حروب، فما حصل بينهم من الحروب فبتأويلٍ منهم، فهم مجتهدون، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، وكذلك عندهم من الحسنات والفضائل العظيمة التي تُكفِّر ما يقع من الخطأ من بعضهم.