×
البدع وما يتصل بالأموات والقبور

قال الإمام الشوكانِي رحمه الله: «اعلم أنه قد اتَّفق الناسُ سابقُهم ولاحقُهم، وأوَّلُهم وآخرهم، من لَدُن الصحابة رضي الله عنهم إلَى هذا الوقت: أن أن رفع القُبور والبناء عليها من البدع الّتِي ثبت النهيُ عنها، واشتدَّ وعيدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاعلها؛ كما يأتِي بيانه، ولمَ يُخالف فِي ذلك أحد من المسلمين أجمعين...».

وذكر الأدلَّة من السنة، إلَى أن قال: وفِي «صحيح مسلم» وغيره عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الأَْسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ لاَ أَدَعَ تِمْثَالاً إلاَّ طَمَسْتُهُ، وَلاَ قَبْرًا إلاَّ سَوَّيْتُهُ» ([1]). وفِي «صحيح مسلم» أيضًا عن ثُمامة بن شُفَيٍّ نَحوُ ذلك.

وفِي هذا أعظم دلالة على أن تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زيادة على القدر المشروع واجبة متعِّممة؛ فمن إشراف القبور أن يُرفع سَمكُها، أو يُجعل عليها الِقبُابُ أو المَساجد؛ فإن ذلك من المنهيُّ عنه بلا شك، ولا شبهة؛ ولِهذا فإنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعث لهِدمها أمير المؤمنين، ثم إن أمير المؤمنين بعث لِيهدمها أبا الهيَّاج الأسدي فِي أيَّام خلافته». انتهى كلامُ الشوكاني.

والبناء على القبور وسيلةٌ إلى الشرك؛ لأن الناس إذا رأوا هذا البناء وهذه الزَّخارف على القُبور؛ اعتقدوا أنها تنفع وتضرُّ، وأنها يُتَبَرَّكُ بها، فزاروها من أجل ذلك، وقدَّموا لَها القرابين والنُّذور، وطافوا بها، وتَمَّسحوا بِجُدرانها؛ كما هو الواقع اليوم، وهذا هو الشركُ الصريح، والمنكر القبيح، وسببُه البناء على القبور وزخرفتها.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (969).