ومعلوم أن الإسرار بالدعاء والاستغفار أفضل من الجَهر؛
لأنه أقرب إلَى الإخلاص؛ ولأن الله سبحانه يسمع الدعاء سرًّا كان أو جهرًا، فلا
يشرع الجَهر إلاَّ بدليل، علاوة على أن الجَهر يَحصل به تشويش على الآخرين.
ولَم يُعرَف - فيما أعلم - أن السلف كانوا يَجهرون
بالدعاء عند القبر بعد دفنه، أو يدعون بصوت جماعي، وقد روى أبو داود النهي عن
اتباع الميت بصوت أو نار ([1]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «مَجموع الفتاوى»
(24/293): «قال قيس بن عبَّاد - وهو مِن كبار التابعين من أصحاب علي بن أبِي طالب
رضي الله عنه -: كانوا يستحبون خفض الصوت عند الجَنائز، وعند الذكر، وعند القتال،
وقد اتفق أهل العلم بالحَديث والآثار أن هذا لَم يكن على عهد القرون الثلاثة
المفضلة». انتهى.
وهذا يدل على أنهم لَم يكونوا يرفعون الأصوات بالدعاء
للميت لا مع الَجنازة، ولا بعد الدفن عند القبر، وهم أعلم الناس بالسنة، فيكون رفع
الصوت بذلك بدعة. والله أعلم.
س55: من العادات المَعروفة والمَشهورة عندنا تلقين الميت بعد وضعه فِي قبره، وبعد أن يوارى عليه التراب، ونرى أن معظم العلماء على هذا وبعضهم لا يلقي له بالاً - أعنِي: علماء بلدنا - ويستشهدون على ذلك بأنه قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم حينا توفِّي ابنه إبراهيم وقف عليه الصلاة والسلام عند قبره ولقنه، فقال أحد الصحابة: يا رسول الله، أنت خير الخَلق، وبعد وفاتك من يلقننا؟ فقال لَهم: ﴿يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ﴾ [إبراهيم: 27].
الصفحة 1 / 91
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد