لنصراني: فهو يكره أكل كِرائه، ولكن يقضي
للحمَّال بالكراء، وإذا كان للمسلم فهو أشد. زاد بعضهم فيها: ويكره أن يحمل الميتة
بكراء، أو يخرج دابة ميتة، ونحو هذا.
ثم اختلف أصحابنا
في هذا الجواب على ثلاث طرق:
إحداها: إجراؤه
على ظاهره، وأن المسألة رواية واحدة.
قال ابن أبي
موسى: وكره أحمد أن يؤجر المسلم نفسه لحمل ميتة أو خنزير لنصراني. قال: فإن فعل
قضي له بالكراء، وإن آجر نفسه لحمل محرم لمسلم: كانت الكراهة أشد، ويأخذ الكراء.
وهل يطيب له أم لا؟ على وجهـين، أوجههـما: أنه لا يطيب له، وليتصدق به. وهكذا ذكر
أبو الحسن الآمدي، قال: وإذا آجر نفسه من رجل في حمل خمر أو خنزير أو ميتة: كـره.
نصَّ عليه. وهذه كراهة تحريم؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لعن حاملها. وغير
ممتنع أن يقضي بالكراء، وإن كان محرمًا كأجر الحجام.
الطريقة الثانية:
تأويل هذه الرواية بما يخالف ظاهرها، وجعل المسألة رواية واحدة: أنَّ هذه الإجارة
لا تصحّ، وهي طريقة القاضي في المجرّد. وهي طريقة ضعيفة رجع عنها القاضي في كتبه
المتأخرة، فإنه صنَّف المجرَّد قديمًا.
الطريقة الثالثة:
تخرج هذه المسألة على روايتين:
إحداهما: أنَّ
هذه الإجارة صحيحة يستحق بها الأجرة، مع الكراهة للفعل وللأجرة.
والثانية: لا تصح الإجارة، ولا يستحق بها أجرة، وإن حمل. وذلك على قياس قوله في أن الخمر لا يجوز إمساكها، وتجب إراقتها.