وعامة هذه
الأعمال المحكيّة عن النَّصارى - وغيرها مما لم يحك - قد زيّنها الشيطان لكثير
ممَّن يدَّعي الإسلام، وجعل لها في قلوبهم مكانة وحسن ظنّ.
وزادوا في بعض
ذلك ونقصوا وقدّموا وأخَّروا، إما لأنَّ بعض ما يفعلونه قد كان يفعله بعض النَّصارى،
أو غيّروه هم من عند أنفسهم، كما يغيِّرون بعض أمر الدِّين الحق.
لكن لما اختصت به
هذه الأيام ونحوها من الأيام التي ليس لها خصوصيّة في دِين الله، وإنما خصوصها في
الدِّين الباطل، بل إنما أصل تخصيصها من دِين الكافرين، وتخصيصها بذلك فيه مشابهة
لهم.
وليس لجاهل أن
يعتقد أنَّ بهذا تحصل المخالفة لهم، كما في صوم يوم عاشوراء.
لأنَّ ذلك فيما
كان أصله مشروعًا لنا وهم يفعلونه، فإننا نخالفهم في وصفه.
فأما ما لم يكن
في دِيننـا بحال، بل هو من دِينهم المبتـدَع والمنسوخ: فليس لنا أن نشابههم لا في
أصله ولا في وصفه. كما قدمنا قاعدة ذلك فيما مضى، فإحداث أمر ما في هذه الأيام
التي يتعلق تخصيصها بهم لا بنا، هو مشابهة لهم في أصل تخصيص هذه الأيام بشيء فيه
تعظيم.
وهذا بيِّن على
قول من يكره صوم يوم النيروز والمهرجان، لا سيما إذا كانوا يعظمون ذلك اليوم الذي
أحدث فيه ذلك.
****
قوله: «وعامّة هذه الأعمال المحكيّة عن النصارى وغيرها...» يعني: أنَّ جملة كثيرة من أعمال النصارى، وما يعملونه
الصفحة 1 / 355