ثم قد اختلفت
الشرائع في صفتِه، وهو أيضًا فيه عبادات، ولباس النَّعل في الصلاة فيه عبادةٌ
وعادة، ونزع النَّعل في الصلاة شريعةٌ كانت لموسى عليه السلام.
وكذلك اعتزال الـحـائض، ونحـو ذلك من الشرائـع التي جامعناهم في أصلِها
وخالفناهم في وصفِها.
****
قوله: «ثم أعلم أن أعمالهم ثلاثة أقسام: قسم
مشروع...»
القسم الأول: ما عُلم أنّه مشروع
في دِيننا، فهذا نفعلُه؛ لأنَّه مشروع في ديننا، ولو كانوا هم يفعلونه، فنحن لا
نفعله تشبُّهًا بهم، وإنما نفعله امتثالاً لديننا.
القسم الثاني: ما كان مشروعًا
لهم، وليس من إحداثِهم، لكنَّ القرآن نسخه، كاستقبال القِبلة، فإن القرآن نسخ
استقبال بيت المقدس، فنحن نتبع القرآن في ذلك، وندور مع شريعة نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم، ولو كانوا يفعلونه عن شرعٍ متبع في دينهم.
القسم الثالث: ما ليس مشروعًا
بحالٍ مِن الأحوال، لا أنّه مشروع مستمر، ولا أنه كان مشروعًا فنسخ، وإنما هو من
إحداثهم، فهذا يقينًا لا يجوز فِعلُه؛ لأنه مخترع منهم.
قوله: «وهذه الأقسام الثلاثة، إما أن تكون في العبادات...» يعني: أنَّ الأقسام في هذا تسعة أقسام من باب ضرب ثلاثة في ثلاثة، الثلاثة الأولى: ما كان مشروعًا في دِيننا، ومشروعًا في دِينهم ثم نُسخ أو لم ينسخ، وما كان من إحداثِهم، فهذه ثلاثة مضروبـة في ثلاثة أحوال: وهي: ما كان من باب العادات المحضة، أو ما كان من باب العبادات المحضة، أو ما كان من كليهما.
الصفحة 1 / 355