قوله: «فأما القسم
الأول: وهو ما كان مشروعًا في الشريعتين...» يعني: ما كان مشروعًا في
الشريعتين القديمة والحديثة، أو كان مشروعًا لنا، أي: في شريعة الإسلام وهم
يفعلونه، فنحن مأمـورون بفعلِه عملاً بشريعتنا في الحالين؛ لأنه مشروع في ديننا،
سواء كان مشروعًا في دينهم، أو كانوا هم يتَّبعوننا فيه فنحن نفعلُه، وذلك مثل صوم
يوم عاشوراء، فإنَّه مشروع في جميع الدِّيانات: ديانة موسى وديانة محمد صلى الله
عليه وسلم، وكأصل الصلاة، فالصلاة مشروعة في جميع الأديان، لكن تختلف صفتُها،
ولذلك قال الله عز وجل: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكُمۡ﴾ [البقرة: 183]، فهو مشروع أيضًا وإن اختلفت صفتُه.
ففي هذه الحالة تقع
المخالفة في صفة العمل، لا في أصله، فنحن لا نترك الصيام لأنهم يصومون، أو نترك
الصلاة لأنهم يصلُّون، وإنما نخالفهم في صفة العمل، ولذلك شرعَ صلى الله عليه وسلم
صوم اليوم التاسع قبل اليوم العاشر من باب المخالفة.
وهذا معنى قوله: «كما سنَّ لنا صوم تاسوعاء وعاشوراء...» المقصود: نحن وهم نشترك في أصل العمل، ولكن نخالفهم في الصِّفة، بصوم قبله وحيث إننا نؤخِّر السَّحور إلى طلوع الفجر، ونعجِّل الفطر عند غروب الشمس؛ لأنهم هم يخالفوننـا في هذا الأمر؛ لأنهم يقدمون السحور ويؤخرون الفطور.