×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

والكافرون يصنعون بآلهتهم كذلك، فتارة يُسمّون آلهتهم على الذبائح وتارة يذبحونها قربانًا إليهم، وتارة يجمعون بينهما، وكل ذلك - والله أعلم - يدخل فيما أُهلَّ لغير الله به.

فإنَّ من سمّى غير الله فقد أهلَّ به لغير الله، فقوله: باسم كذا، استعانة به، وقوله: لكذا عبادة له، ولهذا جَمع الله بينهما في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5].

وأيضًا فإنه سبحانه حرَّم ما ذُبح على النُّصب، وهي كل ما يُنصب ليُعبد من دون الله تعالى.

****

معنى ذلك: أنَّ ما ذبحه الكفار لمعبوداتهم سواء صرَّحوا باسم المعبود من دون الله، أو أخفوه في قلوبهم كله يحرم؛ لأنه داخل في قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ لفظًا ونية.

قولك: بسم الله، استعانة به، أي: بالله، وقول المشرك: باسم المسيح، أو باسم الوثن: استعانة بالمسيح أو الوثن، أما إذا قال: لله، أو هذه الذبيحة لله، أو هذه الذبيحة للمسيح، أو للزهرة، فهذا من باب التَّعبد والتّقرب، وهذا كما في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ فإياك نستعين يطابق باسم الله؛ لأن باسم الله معناها الاستعانة و ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ يعني: التقرب إلى الله.

أي: أنَّ من الأمور التي حرَّمها الله على عباده ما ذبح على النصب، قال الله سبحانه: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ [المائدة: 3] والنُّصب: هي الحجارة التي يذبحون عليها تقربًا إلى غير الله سبحانه وتعالى.


الشرح