والكافرون يصنعون
بآلهتهم كذلك، فتارة يُسمّون آلهتهم على الذبائح وتارة يذبحونها قربانًا إليهم،
وتارة يجمعون بينهما، وكل ذلك - والله أعلم - يدخل فيما أُهلَّ لغير الله به.
فإنَّ من سمّى
غير الله فقد أهلَّ به لغير الله، فقوله: باسم كذا، استعانة به، وقوله: لكذا عبادة
له، ولهذا جَمع الله بينهما في قوله: ﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].
وأيضًا فإنه
سبحانه حرَّم ما ذُبح على النُّصب، وهي كل ما يُنصب ليُعبد من دون الله تعالى.
****
معنى ذلك: أنَّ ما ذبحه
الكفار لمعبوداتهم سواء صرَّحوا باسم المعبود من دون الله، أو أخفوه في قلوبهم كله
يحرم؛ لأنه داخل في قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ﴾ لفظًا ونية.
قولك: بسم الله، استعانة
به، أي: بالله، وقول المشرك: باسم المسيح، أو باسم الوثن: استعانة بالمسيح أو
الوثن، أما إذا قال: لله، أو هذه الذبيحة لله، أو هذه الذبيحة للمسيح، أو للزهرة،
فهذا من باب التَّعبد والتّقرب، وهذا كما في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ فإياك نستعين يطابق
باسم الله؛ لأن باسم الله معناها الاستعانة و ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ يعني: التقرب إلى الله.
أي: أنَّ من الأمور التي حرَّمها الله على عباده ما ذبح على النصب، قال الله سبحانه: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ﴾ [المائدة: 3] والنُّصب: هي الحجارة التي يذبحون عليها تقربًا إلى غير الله سبحانه وتعالى.