فصل
مشابهة المشركين
فيما ليس من الشرع قسمان
مشابهتهم في ما
ليس من شرعنا قسمان: أحدهما: مع العلم بأنَّ هذا العمل هو من خصائص دينهم، فهذا
العمل الذي هو من خصائص دِينهم، إمّا أن يُفعَل لمجرَّد موافقتهم وهو قليل، وإمّا
لشهوة تتعلق بذلك العمل، وإمّا لشبهة فيه تُخيِّل أنه نافع في الدنيا وفي الآخرة.
وكـل هـذا لا شكَّ
في تحريمـه، لكن يبلُغ التَّحريم في بعضِه إلى أن يكون من الكبائر، وقـد يصير
كفرًا بحسب الأدلة الشَّرعية وإما لشهوة تتعلق بذلك العمل.
****
من المعلوم أنَّ التّشبه بالكفار محرَّم على كل
حال، لكن هناك دوافع للتشبّه بهم، إما أن يتشبّه بهم لمجرد موافقتهم، أي: دون أن
يحبَّهم، وهذا منهي عنه؛ لأنه يجرّ إلى محبتهم، وإمّا لشهوة فيما يصنعه الكفار في
أعيادهم من الأطعمة والمآكل والمشارب والمناظر، فيحب هذه الأشياء فيشاركهم فيها،
كالذين يبيعون الزهور في عيد الزهور، لجني الربح والتكسُّب، فجلبوا هذه البدعة إلى
بلاد التوحيد، وإمّا لشبهة الظنّ، أي: أنَّ هذا الفعل من الأمور المباحة وأنه من
الأمور المشتركة، وهو في الواقع خلاف ذلك؛ لأن الله قطع المشابهة بين المسلمين
والكفار لأيّ غرض من الأغراض.
قوله: «وكل هذا لا شكَّ في تحريمه، لكن يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر، وقد يصير كفرًا». أي: أنَّ كل ما سبق
الصفحة 1 / 355