يصح، ومع هذا فإنه يكره الحمل.
والأشبه - والله
أعلم - طريقة ابن أبي موسى، فإنها أقرب إلى مقصود أحمد، وأقرب إلى القياس.
وذلك لأنَّ النبي
صلى الله عليه وسلم «لَعَنَ عَاصِرَ الْخَمْرِ وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلِهَا،
وَالْمَحْمُولَةِ إِلَيْهِ» فالعاصر والحامل قد عاوضا على منفعة تستحق عوضـًا، وهي
ليست محرَّمة في نفسهـا، وإنما حرمـت لقصد المعتصر، والمستحمل، فهو كما لو باع
عنبًا أو عصيرًا لمن يتخذه خمرًا، وفات العصير والخمر في يد المشتري، فإنَّ مال
البائع لا يذهب مجانًا، بل يقضي له بعوضه.
كذلك هاهنا
المنفعة التي وفاها المؤجر لا تذهب مجانًا، بل يعطى بدلها، فإن تحريم الانتفاع بها
إنما كان من جهة المستأجر لا من جهته.
ثم نحن نحرم
الأجرة عليه، لحق الله سبحانه لا لحق المستأجر والمشتري، بخلاف من استأجر للزنا أو
التلوط أو القتل أو الغصب أو السرقة، فإنَّ نفس هذا العمل محرم لا لأجل قصد
المشتري، فهو كما لو باعه ميتة أو خمرًا، فإنه لا يقضي له بثمنها؛ لأنَّ نفس هذه
العين محرَّمة.
ومثل هذه الإجارة والجعالة لا توصف بالصحة مطلقًا، ولا بالفساد مطلقًا، بل هي صحيحة بالنسبة إلى المستأجر، بمعنى أنه يجب عليه مال الجعل والأجرة وهي فاسدة بالنسبة إلى الأجير، بمعنى أنه يحرم عليه الانتفاع بالأجرة والجعل، ولهذا في الشريعة نظائر.
الصفحة 1 / 355