لأنه لو كان
التحريم لكونه وثنيًّا لم يكن فرق بين ذبحه على النصب وغيرها، ولأنه لما أباح لنا
طعام أهل الكتاب دلَّ على أنَّ طعام المشركين حرام.
وأيضًا فإنه ذكر
تحريم ما ذبح على النُّصب، وما أهلّ به لغير الله، وقد دخل فيما أهِلَّ به لغير
الله ما أَهَلَّ به أهل الكتاب لغير الله، فكذلك كل ما ذُبح على النصب.
****
هذا يدلّ على أنَّ
ذبائح المشركين غير ذبائح أهل الكتاب، فذبائح المشركين - يعني: الوثنيين - حرام.
فتخصيصه ما ذبح على النصب يقتضي فائدة جديدة.
والسبب: أنَّ هناك من
المغالطين من يقول: إذا ذبحت على الطريقة الشرعية، ولو كان ذابحها وثنيًّا فإنها
تحل، وقد يُلبِّسون على الناس ويستدلون بقوله: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ﴾ [الأنعام: 118]،
ولو ذَكر اسمَ الله وثنيٌّ.
نقول: هذا باطل؛ لأن
العبرة بالعقيدة، ليست العبرة بالتلفظ فقط، فالوثني عقيدته هي الوثنية، فهو لا
يؤمن برسول ولا بكتاب، بخلاف الكتابي الـذي يؤمـن بالكتب والرسل جملة، ويؤمن
بالملائكة؛ لأجل ذلك خصَّص أهل الكتاب بإباحة طعامهم، فدلَّ على أنَّ غير أهل
الكتاب من الكفـار لا تحل ذبائحهم ولو ذكـروا عليها اسم الله.
المقصود: كما أنه يَحرم ما ذُبح على النُّصب فإنه يحرم ما أُهل به لغير الله مما ذُبح باسم المسيح تقربًا به إليه، ومن ذلك ما ذُبح للقبور، كالذبح لقبور الأولياء والصالحين، معتقدين أنهم يضرون
الصفحة 1 / 355