وهذا أصل مقرَّر
في غير هذا الموضع، لكن معاصي الذمّي قسمان:
أحدهما: ما اقتضى
عقد الذمّة إقراره عليها.
والثاني: ما
اقتضى عَقد الذمّة منعه منها أو من إظهارها.
فأمّا القسم
الثاني: فلا ريب أنه لا يجوز على أصلنا أن يؤاجر أو يُبايع الذمي عليه إذا غلب على
الظّن أنه يفعل ذلك، كالمسلم وأولى.
وأما القسم
الأول: فعلى ما قاله ابن أبي موسى: يكره ولا يحرم؛ لأنا قد قرّرناه على ذلك.
وإعانته على سكنى
الدار، كإعانته على سكنى دار الإسلام، فلو كان هذا من الإعانة المحرَّمة لَـما جاز
إقرارهم بالجزية.
وإنما كُره ذلك؛
لأنه إعانة مِن غير مصلحة، لإمكان بيعها من مسلم، بخلاف الإقرار بالجزية، فإنه جاز
لأهل المصلحة.
وعلى ما قاله
القاضي لا يجوز؛ لأنه إعانة على ما يستعين به على المعصية من غير مصلحة تقابل هذه
المفسدة.
قال: بخلاف
إسكانهم دار الإسلام، فإنَّ فيه من المصالح ما هو مذكور في فوائد إقرارهم بالجزية.
****
في هذا تفريق بين الكافر غير الذمّي والكافر الذمّي، فإنَّ الكافر غير الذمّي يُقر على دِينه وعلى معاصيه، وأما الذمّي فإن عقد الذِّمة يقضي إقراره على ما هو عليه بشرط أن لا يظهره، لذلك فهذا لا يجوز للمسلم أن يَبيع له أو يؤجر عليه ما يستعمله فيما أقرّ عليه من
الصفحة 1 / 355