×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

والوجه الثالث من السُّنة: أنَّ هذا الحديث وغيره قد دلَّ على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها، ومعلوم أنه لما بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم محى الله ذلك عنهم، فلم يبق شيءٌ من ذلك. ومعلومٌ أنه لولا نهيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد؛ لأن المقتضى لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يُصنع في الأعياد، خصوصًا أعياد الباطل من اللَّعب واللذات ومن جهة العادة التي أُلِفت ما يعود من العيد، فإنَّ العادة طبيعة ثانية، وإذا كان المقتضي قائمًا قويًّا، فلولا المانع القوي لما دَرَستْ تلك الأعياد.

وهذا يُوجب العلمَ اليقيني بأنَّ إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كان يمنع أمته منعًا قويًّا من أعياد الكفار، ويسعى في دروسها وطمسها بكل سبيل.

وليس في إقرار أهل الكتاب على دِينهم إبقاء لشيء من أعيادهم بحق أمته.

كما أنه ليس في ذلك إبقاء في حق أمته لما هم عليه في سائر أعمالهم، من سائر كفرهم ومعاصيهم.

بل قد بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات وصفات الطّاعات، لئلا يكون ذلك ذريعةً في موافقتهم في كثير من أمورهم.

ولتكون المخالفة في ذلك حاجزًا ومانعًا من سائر أمورهم.

فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أهل الجحيم، كان أبعد لك من أعمال أهل الجحيم.

فليس بعد حرصه على أمته، ونصحه لهم - بأبي هو وأمي –


الشرح