وأيضًا فإنَّ نفس
اللغة العربية من الدِّين ومعرفتها فرض واجب، فإنَّ فهم الكتاب والسُّنة فرض ولا
يفهم إلاَّ باللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب.
ثم منها: ما هو
واجب على الأعيان، ومنها: ما هو واجب على الكفاية. وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن
أبي شيبة: حدثنا عيسى بن يونس، عن ثور، عن عمر بن يزيد قال: كتب عمر إلى أبي موسى
الأشعري رضي الله عنه: ((أمَّا بَعْدُ فَتَفَقَّهُوا فِي السُّنَّةِ،
وَتَفَقَّهُوا بِالْعَرَبِيَّةِ، وَأَعْرِبُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ)).
وفي حديث آخر عن
عمر رحمه الله: أنه قال: ((تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ، فَإِنَّهَا مِنْ
دِينِكُمْ، وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ، فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ)).
وهذا الذي أمر به
عمر رضي الله عنه من فقه اللغة العربية وفقه الشَّريعة: يجمع ما يحتاج إليه؛ لأنَّ
الدين فيه فقه أقوال وأعمال، ففقه العربية: هو الطريق إلى فقه أقواله، وفقه
السَّنة: هو: الطريق إلى فقه أعماله.
****
قوله: «وأيضًا فإنَّ نفس اللغة العربية من
الدين...» قد يُستغرب فيقال: كيف أنَّ اللغة العربية من الدين؟ لكن يزول هذا
الاستغراب يوم يعلم المرء أنها وسيلة إلى فهم الكتاب والسنَّة، لا يُفْهَمَان
إلاَّ بها، والوسائل لها حكم الغايات، ولما كانت اللغة العربية وسيلة إلى فهم
الدين صارت من الدِّين؛ لأن ما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب.
قوله: «ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها...» إلخ، هذا يبيّن مدى اهتمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد باللغة العربية،
الصفحة 1 / 355