×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

ولهذا تجد مَنْ أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن، حتى ربما كرهه.

ومَن أكثر من السفر إلى زيارة المشاهد ونحوها، لا يبقى لحجّ البيت الحرام في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب مَنْ وسعته السنَّة.

ومن أدْمَنَ على أخذ الحكمة والآداب من كلام فارس والروم لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع.

ومَنْ أدْمَن قصص الملوك وسيرهم، لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام. ونظائر هذا كثير.

ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا ابْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً، إلاَّ نَزَعَ اللَّهُ عنهم مِنَ السُّنَّةِ مثلها» رواه الإمام أحمد ([1]).

وهذا أمـر يجده من نفسه مَن نظر في حـاله من العلماء والعباد والأمـراء والعامة وغيرهم.

****

  قوله: «ولهذا تجد مَنْ أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه...» هذا تمثيل لما سبق من قول الشيخ أنَّ من تغذى قلبه وبدنه بشيء غير ما جاء به الإسلام قلَّت رغبته فيما جاء به الإسلام، وهذا الشيء مجرب؛ فانظر إلى المفتونين بسماع الأغاني والمطربين الذين أكثروا من سماع قصائدهم لا يرتاحون إلاَّ بها، ولو سمعوا صوت القرآن لنفروا منه، وصدّوا عنه، وتجدهم لا يرتاحون إلاَّ مع الأغاني والمزامير والموسيقى، ويكرهون سماع القرآن، فلا يكفي أن تقلَّ


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (16970).