وإن كان من
متأخري أصحابنا من لا يذكر هذه الرواية بحال، وذلك لأنَّ عموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ بِهِ﴾... ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى
ٱلنُّصُبِ﴾ [المائدة: 3] عموم محفوظ لم تُخَصَّ منه صورة، بخلاف طعام الذين أوتوا
الكتاب، فإنه يشترط له الذَّكاة المبيحة، فلو ذكى الكتابي في غير المحل المشروع لم
تُبح ذكاته.
****
العمومان حاظر ومبيح، والقاعدة عند بعض
الأصوليين: إذا تعارض حاظر ومبيح يقدم الحاظر.
أي: أنَّ الأقرب إلى
الكتاب والسنة تحريم ما ذبحه أهل الكتاب لكنائسهم أو لغير الله عز وجل تقديمًا
للحظر على الإباحة.
[230] هذا مما يقوي
أنَّ عموم قوله تعالى: ﴿وَمَآ
أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ بِهِ﴾ ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ﴾ لم يخصص منه شيء،
أي: ليس هناك شيء مباح مما ذُبح على النّصب، أو مما أُهل به لغير الله، فهما
باقيان على عمومهما.
أما قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ فدخله التخصيص، والعموم إذا دخله التخصيص يَضْعف عن الذي لم يدخله التخصيص، فلو أنَّ المسلم ذَبَح على غير الطريقة الشّرعية لم تحل ذبيحته، وكذلك الكتابي، وهذا ما نقوله في الذبائح المستوردة من مصانع الشركات التي تَذبح الكميات الهائلة بالصّعق الكهربائي، أو بالماء الـحار، أو ما أشبه ذلك مما لا يُعدّ ذكاة شرعية، وبالتالي فهو حرام، ويكون مَخْصوصًا من قوله: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ لأنه إنما يُقصد بطعامهم الذي ذبحوه على الطريقة الشّرعية، أما