فأما ذبائح
المجوس فالحكم فيها معلوم، فإنها حرام عند العامة.
وأمَّا ما ذَبحه
أهل الكتاب لأعيادهم، وما يتقرَّبون بذبحه إلى غير الله نظير ما يذبح المسلمون
هداياهم وضحاياهم متقرِّبين بها إلى الله تعالى، وذلك مثل ما يذبحون للمسيح
والزُّهرة، فعن أحمد روايتان: أشهرهما في نصوصه: أنه لا يباح أكله، وإن لم يُسَمَّ
عليه غير الله تعالى، ونُقل النهي عن ذلك عن عائشة وعبد الله بن عمر.
****
ذبائح الكفار، مجوس
أو غيرهم حرامٌ، ولا نستثني منها إلاَّ ذبائح أهل الكتاب اليهود والنصارى؛ لقوله
تعالى: ﴿وَطَعَامُ
ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ﴾ [المائدة: 5]،
والـمراد بطعامهم: ذبائحهم بالإجماع؛ لأنَّ غير الذَّبـائح يبـاح منهم ومن غيرهم،
كالفواكه وغير ذلك، وإنما الكلام على الذبائح، فذبيحة الكافر لا تحل لأنها نجس
ورجس، وأما ذبيحة اليهودي والنصراني، فإنها تحل ما لم يخالفوا الذكاة الشرعية؛
لأنَّ عندهم أصل الإيمان، وهم يذبحون على الطَّريقة الشَّرعية بخلاف سائر الكفار،
فإنهم لا يذبحون على الطريقة الشرعيّة، وليس عندهم عقيدة، من إيمان بكتاب أو نبي
أو رسول.
يعني: أنَّ ذبائح أهل الكتاب يُباح أكلها إذا ذبحوها على الطريقة الشَّرعية، وكان ذبحهم لأجل اللَّحم، أما إذا ذَبحوها لعباداتهم لغير الله كالذَّبح للأصنام أو الصليب أو المسيح من باب التقرب، أو ما ذكر عليه غير اسم الله، فإنها لا تحل، وإن كانت ذبائح أهل كتاب؛ لأن مسلمًا لو فعل هذا ما حلَّت ذبيحته، فكيف بالكافر!