والمحبة
والموالاة لهم تنافي الإيمان، قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ
أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا
يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [المائدة: 51] إلى قوله: ﴿حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُواْ خَٰسِرِينَ﴾
[المائدة: 53].
****
لقد خشي صلى الله
عليه وسلم أن يجر التشبه إلى أنْ يفعل بعض هذه الأمة ما فعلته اليهود والنصارى، من
الغلو في الأولياء والصالحين والبناء على قبورهم، فحذَّر من ذلك في آخر لحظة من
لحظات حياته.
ولذلك مناسبة: وهو أنه لما حضرته
الوَفاة عليه الصلاة والسلام، وعَلِم أنه مفارق لهذه الدنيا، فإنه حذَّر أصحابه أن
يغلو في قبره كغلو اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم، بل لعن من فعل ذلك تنفيرًا
من هذا العمل، فالتشبه بهم في أمور العبادة ومظاهرها أشدّ؛ لأن هذا يجرّ إلى الكفر
والشرك بالله عز وجل كما حصل لكثير من منسوبي هذه الأمة الذين بنَوْا على القبور،
واتخذوها أوثانًا تُعبد من دون الله عز وجل.
وهذا أكبر المحاذير
في المشابهة، وهي أنها تتنافى مع الإيمان، قال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ
وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا
يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ إلى آخر الآيات التي ساقها المؤلف، فالذي يتولى اليهود
والنصارى يكون منهم، يهوديًّا أو نصرانيًّا؛ لأنه وافقهم على ما هم عليه من الكفر
والشرك ولم ينكر ذلك، بل أقرّه ووافقهم، فكان مثلهم، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوۡ كَانُواْ
يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ
أَوۡلِيَآءَ﴾ [المائدة: 81] فدلَّ على أنَّ الذين اتخذوا اليهود والنصارى لا يؤمنون
بالله والنبي وما أنزل إليه.
الصفحة 1 / 355